الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة
.بكاء أهل النار وصراخهم: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)} [التوبة/81- 82]. 2- وقال الله تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)} [فاطر/37]. 3- وقال الله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (100)} [الأنبياء/100]. 4- وقال الله تعالى: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13) لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا (14)} [الفرقان/13- 14]. 5- وقال الله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)} [الفرقان/27]. 6- وقال الله تعالى: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)} [البقرة/167]. .دعاء أهل النار: 1- قال الله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50)} [الأعراف/50]. 2- وقال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (50)} [غافر/49- 50]. 3- وقال الله تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78)} [الزخرف/77- 78]. 4- وقال الله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108)} [المؤمنون/106- 108]. 5- فإذا فقد أهل النار الأمل في الخروج من النار ويئسوا من أي خير أخذوا في الزفير والشهيق كما قال سبحانه: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)} [هود/106- 107]. عياذاً بالله من غضب الله وسخطه وعقوبته، اللهم ارزقنا الجنة.. وأجرنا من النار.. أنت مولانا.. فنعم المولى.. ونعم النصير. .ميراث أهل الجنة منازل أهل النار: .خروج عصاة الموحدين من النار: 2- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيْرَةً، ثُمَّ يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً، ثُمَّ يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً». متفق عليه. .أشد عذاب أهل النار: وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72)} [التوبة/ 72]. 2- وأشد عذاب في النار حجاب أهل النار عن رؤية ربهم جل وعلا كما قال سبحانه: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (16)} [المطففين/ 15- 16]. .خلود أهل الجنة والنار: 2- وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37)} [المائدة/36- 37]. 3- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «إذَا صَارَ أَهْلُ الجَنَّةِ إلَى الجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إلَى النَّارِ جِيءَ بِالموتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَينَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ لا مَوْتَ، يَا أَهْلَ النَّارِ لا مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الجَنَّةِ فَرَحاً إلَى فَرَحِهِمْ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْناً إلَى حُزْنِهِمْ». متفق عليه. .أكثر أهل الجنة والنار: 1- عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ أَقَلَّ سَاكِنِي الجَنَّةِ النِّسَاءُ». أخرجه مسلم. 2- وعن عمران رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». متفق عليه. 3- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ» قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: «يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْراً قَطُّ». متفق عليه. 4- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةِ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَتْفِلُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمُ الْأَلُوَّةُ الْأَلَنْجُوجُ عُودُ الطِّيبِ وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ». متفق عليه. .حجاب الجنة والنار: .قرب الجنة والنار: .احتجاج الجنة والنار وحكم الله بينهما: .اتقاء النار وطلب الجنة: 2- وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ فَتَعَوَّذ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». متفق عليه. 3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى». متفق عليه. - اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل. .6- الإيمان بالقدر: والقدر سر الله في خلقه، لم يَطَّلع عليه مَلَك مقرب، ولا نبي مرسل. .الإيمان بالقدر: .أركان الإيمان بالقدر: 1- الإيمان بأن الله تعالى عالم بكل شيء جملة وتفصيلاً: سواء كان مما يتعلق بفعله سبحانه كالخلق، والتدبير، والإحياء، والإماتة ونحو ذلك، أو مما يتعلق بفعل المخلوقين كأقوال الإنسان وأفعاله وأحواله، وكأحوال الحيوان والنبات والجماد، وكل شيء فالله به عليم كما قال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)} [الطلاق/12]. 2- الإيمان بأن الله تعالى كتب مقادير كل شيء في اللوح المحفوظ من المخلوقات، والأحوال، والأرزاق: كتب كميته، وكيفيته، وزمانه، ومكانه، فلا يتغير ولا يتبدل، ولا يزيد ولا ينقص إلا بأمره سبحانه. 1- قال الله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70)} [الحج/70]. 2- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الخَلائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ وَعَرْشُهُ عَلَى المَاءِ». أخرجه مسلم. 3- الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله وإرادته. فكل شيء واقع بمشيئة الله، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن سواء كان مما يتعلق بفعله سبحانه كالخلق والتدبير، والإحياء، والإماتة ونحو ذلك، أو مما يتعلق بأفعال المخلوقين من الأفعال والأقوال والأحوال. 1- قال الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص/68]. 2- وقال الله تعالى: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)} [إبراهيم/27]. 3- وقال الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام/112]. 4- وقال الله تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} [التكوير/28- 29]. 4- الإيمان بأن الله تعالى خالق كل شيء، خلق جميع الكائنات بذواتها وصفاتها وحركاتها، لا خالق غيره، ولا رب سواه. 1- قال الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62)} [الزمر/62]. 2- وقال الله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49)} [القمر/49]. 3- وقال الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} [الصافات/96]. .سر القدر: فما يفعله سبحانه من المعروف والإحسان دالٌّ على رحمته، وما يفعله من البطش والانتقام دالٌّ على غضبه، وما يفعله من اللطف والإكرام دالٌّ على محبته، وما يفعله من الإهانة والخذلان دالٌّ على بغضه ومقته، وما يفعله بمخلوقاته من النقص ثم الكمال دالٌّ على وقوع المعاد. .فقه القدر: الأول: ما يجريه الله في الكون من الخلق والرزق، والحياة والموت، والتصريف والتدبير ونحو ذلك من الأوامر الكونية. فهذه الأقدار العظيمة يجريها الله أمامنا ولنعلم بها عظمة الله، وعظمة ملكه وقدرته، وإحاطة علمه بكل شيء، فإذا عرفنا ذلك آمنا بالله سبحانه، وأطعناه وعبدناه كما قال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)} [الطلاق/12]. الثاني: ما يجريه الله على الإنسان من خير أو شر، فهذا يكون بحسب عمله: فمن آمن وعمل صالحاً أسعده الله في الدنيا، ثم زاد سعادته عند الموت، ثم زاد سعادته في القبر، ثم تبلغ سعادته كمالها في الجنة كما قال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} [النحل/97]. ومن كفر وعصى الله شقي في الدنيا، ثم زاد شقاؤه عند الموت، ثم زاد عذابه في القبر، ثم ينال كامل العذاب في النار كما قال سبحانه: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123)} [النساء/123]. فيجري قدر الله على الإنسان بحسب ما يصدر من الإنسان من خير أو شر، أو طاعة أو معصية، وأكثر الناس لا يعلمون سر هذه الأقدار، ولهذا تتراكم المصائب على العصاة، فيتوجهون إلى المخلوق في حلها، فلا ترتفع بل تزداد. والحقيقة أن حلها بأيديهم، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فإذا غيروا الكفر بالإيمان، والمعصية بالطاعة، والإساءة بالإحسان، أصلح الله أحوالهم فوراً، وإن غيروا الخير بالشر عذبهم بذنوبهم كما قال سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53)} [الأنفال/53]. .-الاحتجاج بالقدر: 1- ما قضاه الله وقدره من أعمال وأحوال خارج إرادة الإنسان: سواء كانت فيه كطوله وقصره، أو حسنه وقبحه، أو حياته وموته، أو وقعت عليه بغير اختياره كالمصائب، والأمراض، ونقص الأموال والأنفس والثمرات، وغيرها من المصائب التي تارة تكون عقوبة للعبد، وتارة تكون امتحاناً له، وتارةً رفعةً لدرجاته. وهذه الأعمال التي تجري فيه أو تقع عليه دون إرادة منه لا يُسأل عنها الإنسان ولا يحاسب عليها، ويجب عليه الإيمان أن ذلك كله بقضاء الله وقدره، وعليه الصبر والرضا والتسليم، فما من حادثة في الكون إلا وللعليم الخبير فيها حكمة. 1- قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)} [الحديد/22]. 2- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوماً فقال: «يَا غُلامُ إنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَو اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بِشَيْءٍ قَدَ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيكَ، رُفِعَتِ الأَقْلامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ». أخرجه أحمد والترمذي. 3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْذِيْنِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ». متفق عليه. 2- ما قضاه الله وقدره من الأفعال التي يقدر عليها الإنسان ويفعلها بما وهبه الله من العقل، والقدرة، والاختيار كالإيمان والكفر.. والطاعات والمعاصي.. والإحسان والإساءة. فهذه وأمثالها: يحاسب عليها الإنسان، وبحسبها يكون الثواب والعقاب؛ لأن الله أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وبيَّن الحق من الباطل، ورَغَّب في الإيمان والطاعات، وحَذَّر من الكفر والمعاصي، وزوَّد الإنسان بالعقل، وأعطاه القدرة على الاختيار، فيسلك ما شاء بمحض اختياره، وأي الطريقين اختار فهو داخل تحت مشيئة الله وقدرته، إذ لا يقع في ملك الله شيء بدون علمه ومشيئته. 1- قال الله تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف/ 29]. 2- وقال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)} [فصلت/46]. 3- وقال الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44)} [الروم/44]. 4- وقال الله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)} [التكوير/27- 29].
|